في عالم التمويل سريع الخطى، من الضروري جدًّا توفّر القدرة على اتخاذ القرارات السريعة والمستنيرة. وسواءٌ أكنت فردًا تسعى للحصول على قرض، أو أحد أصحاب الأعمال الذين يرغبون في الحصول على فرص لتوسيع أعمالهم، أو مؤسسة مالية تصبو إلى إدارة المخاطر، يمكن أن تكون تبعات جودة القرارات وسرعة اتخاذها واسعة النطاق. لكن عمليات اتخاذ القرارات التقليدية قد تكون قاصرة، نتيجة التأخيرات، وانعدام الدقة، وغياب الكفاءات التشغيلية. في هذه المدونة، سنعمل على اكتشاف التحديات التي تفرضها هذه الصعوبات، وكيف تأتي الخدمات المصرفية المفتوحة في سياق الحلول التي تسمح باتخاذ قرارات أكثر سرعة، ودقة وفاعلية بما في مصلحة أصحاب المصالح كلهم.
الحاجة إلى السرعة
في عصر الإشباع الفوري، والتجارب الرقمية سريعة الخطى، أصبح المستهلكون أقل صبرًا. لذا فإن العمليات المطولة لاتخاذ القرارات، كالموافقات الممنوحة للقروض، أو التقييمات الائتمانية، قد تفضي إلى حالة من الاستياء وعدم الرغبة بالمشاركة. فقد يتراجع المقترضون المحتملون عن طلباتهم، وينتقلون للعمل مع منافسين ينجزون طلباتهم بمزيد من السرعة بدلًا من أن يضطروا إلى الانتظار طويلًا من أجل إنجاز معاملاتهم.
كما أن اتخاذ القرارات بالشكل التقليدي قد ينضوي في أغلب الأحيان على عمليات مرهقة، تستلزم إنجاز المعاملات الورقية، والتوثيق اليدوي، وانتظار الكثير من الموافقات المتتالية. وهذه الأساليب التي تستوجب تضافر جهود عدد من الأيدي العاملة، من شأنها أن تبطئ الجداول الزمنية لاتخاذ القرارات، وترفع من تكاليفها، وتزيد من مخاطر ارتكاب الأخطاء. وإضافةً إلى ما سبق، فإن انعدام الكفاءات في مجال عمليات اتخاذ القرارات يمكن أن يكون له أثر متواصل على العمليات التي تقوم بها أي منظمة، وعلى صحتها المالية، وسمعتها.
شراك القرارات غير الدقيقة
لا بد من ضمان دقة القرارات وموثوقيتها في القطاع المالي، إذ إن القرارات غير الدقيقة يمكن أن تكون مكلفة من الناحية المالية، ومن ناحية السمعة على حدٍّ سواء. فمنح الموافقة على طلب قرض لأحد مقدمي الطلبات ممن هم غير مؤهلين للحصول عليه، على سبيل المثال، نتيجة غياب ما يكفي من تحليل البيانات يمكن أن يؤدي إلى الإهمال، والخسائر، ويستوجب إجراء تدقيق تنظيمي.
كما أن الامتثال للمتطلبات التنظيمية يعتبر وجهًا آخر من أوجه اتخاذ القرارات في القطاع المالي. وتفرض اللوائح الصارمة على المؤسسات المالية اتخاذ القرارات الدقيقة، مع التزامها بمكافحة غسيل الأموال، بالإضافة إلى متطلبات معرفة العميل (اعرف عميلك). وعدم الالتزام بهذه المعايير يمكن أن يكون له تبعات قانونية وتنظيمية جسيمة.
ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فالقرارات غير الدقيقة قد تؤدي إلى تفويت الكثير من الفرص، وإلى احتمال الحد من المبالغ الائتمانية أو الفرص المالية التي يمكن تقديمها إلى الأفراد أو الأعمال. كما أن القرارات المستندة إلى معلومات غير مكتملة أو خاطئة قد تؤدي إلى ضياع فرص النمو، والاستثمار، والربح.
خوض التحديات
تتيح الخدمات المصرفية المفتوحة للمؤسسات إمكانية الوصول الآمن إلى البيانات المالية بشكل فوري وفي الوقت الحقيقي. وهذه الميزة من شأنها أن تسرع عمليات اتخاذ القرارات في عدد من الخدمات المالية، ما يقلل من وقت الانتظار ويحسن من تجربة العملاء ككل. وبهذا الشكل، يمكن للأفراد والأعمال أن يحصلوا على القروض، والاستثمارات، وغيرها من المنتجات المالية بشكل أسرع، ما يتيح لهم انتهاز الفرص بسهولة أكبر.
إن أتمتة العمليات وتبسيطها عنصرين جوهريين في مجال الخدمات المصرفية المفتوحة، فالكثير من المهام اليدوية التي تترافق مع عملية جمع البيانات والتأكد من صحتها قابلة للأتمتة، الأمر الذي يخفف من عبء الأعمال الورقية بشكل ملحوظ، ويقلل من احتمالية وقوع الأخطاء. كما أن تبسيط العمليات لا يساهم في تسريع الوصول إلى القرارات فقط، إنما يضمن نطاقًا أوسع من الدقة.
بيانات أفضل... قرارات أنسب
توفّر الخدمات المصرفية المفتوحة الكشف عن كنز دفين من البيانات المالية، وتتيح التمكين من إجراء تقييمات أكثر شمولًا للمخاطر والقدرة على تحمل التكاليف. تستطيع المؤسسات الآن اتخاذ قراراتها استنادًا إلى مجموعة من البيانات الغنية، ما يمكّنها من تحقيق النتائج المرجوة بشكل أحسن.
كما أن الخدمات المصرفية المفتوحة تسهّل من تطبيق التحليلات المتقدمة والتعلم الآلي في عملية اتخاذ القرارات. فهذه الأدوات المتطورة تمتلك القدرة على رصد الأنماط والاختلالات، فتحسن من إمكانية رصد الاحتيالات وتقييم المخاطر بشكل كبير. ومن خلال تحليل البيانات في الوقت الحقيقي، ستتمكن المؤسسات من التعرف إلى الأنشطة الاحتيالية بسرعة، ومن الاستجابة لها، فتحمي بذلك أصولها وسمعتها.
استشراف المستقبل
مع ازدياد الزخم المحيط بالخدمات المصرفية المفتوحة، أتيح لنا استشراف عدد من التطورات الهامة:
- السرعة والدقة في اتخاذ القرارات
اختزال الجداول الزمنية في عملية اتخاذ القرارات لعدد من الخدمات المالية، يحسّن من التجربة الشاملة للعملاء، فيعزز مشاركتهم ويشعرهم بالرضا.
تحليل البيانات في الوقت الحقيقي لرصد أيّ أنشطة احتيالية ومنعها بسرعة، يساهم في حماية مصالح المؤسسات والعملاء على حدٍّ سواء.
تبسيط عمليات تقديم الطلبات يتيح الوصول إلى المنتجات المالية بشكل أسرع، بالإضافة إلى مجموعة واسعة من الخدمات، كما يقدم شروطًا أفضل للمستهلكين بفضل تقييمات المخاطر الأكثر دقة.
الخدمات المصرفية المفتوحة لا تعتبر تطورًا تكنولوجيًّا فحسب، إنما هي نقلة استراتيجية تعالج التحديات الجوهرية التي تواجه عملية اتخاذ القرارات في مجال قطاع المالية. إذ تعمل الخدمات المصرفية المفتوحة على تحسين تجربة المستهلكين وتضمن الكفاءة التشغيلية من خلال زيادة سرعة اتخاذ القرارات ورفع جودتها.
سنحظى بنظرة استشرافية إلى المستقبل مع ازدياد الزخم المحيط بالخدمات المصرفية المفتوحة، حيث القرارات المالية أفضل، وأسرع، وأكثر أمانًا وشفافية. فهذه الخدمات تعمل على تمكين المستهلكين والمؤسسات المالية للوصول إلى خيارات أكثر استنارة، الأمر الذي يتيح لنا بناء نظام بيئي مالي أكثر مرونة ودينامية.